الناس ، يطلبون من غيرهم الرضا بالنصيب الأدنى ، ولا يرضون لأنفسهم إلا النصيب الأوفى.
(فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) بقبول الإسلام ، وجعلكم من الصحابة بمجرد كلمة الشهادة ، ولم يبحث النبي عما في قلوبكم ، فلما ذا لم تعاملوا غيركم بما عاملكم به رسول الله (ص) (فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً). أي لا تفعلوا أي شيء بعد الآن ، حتى تكونوا على بينة مما تقدمون عليه ، ولا تأخذوا أحدا بالظن والتهمة ، فان الله خبير بواقعكم ودوافعكم ، ويحاسبكم عليها بما تستحقون.
وعدّ الفقهاء هذه الآية مع آيات الأحكام (١) واستخرجوا منها حكمين شرعيين :
الأول : وجوب التثبت في كل شيء ، بخاصة في الأحكام الشرعية ، وبوجه أخص في الدماء والأموال ، حيث أوجب الفقهاء فيهما التحفظ والاحتياط ، وألحقوا بهما الفروج.
الثاني : ان كل من نطق بكلمة الإسلام ، وقال : أنا مسلم فحكمه حكم المسلمين من حيث الزواج والإرث ، وما الى ذلك من الأحكام التي تترتب على مجرد اظهار الإسلام ، لا على نفس الإسلام حقيقة وواقعا.
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ
__________________
(١) كل آية يستخرج منها حكم شرعي فهي من آيات الأحكام ، كآيات الحج والصيام ، والزواج والإرث والمأكولات المحرمة ، وقد بلغت هذه الآيات حوالى ٥٠٠ آية ، وضع لها فقهاء الشيعة والسنة كتبا مستقلة ، فمن كتب السنة آيات الأحكام للجصاص ، ومن كتب الشيعة كنز العرفان في آيات الأحكام للمقداد.