ـ لهم مبكتين ـ : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها). أي كنتم قادرين على الهجرة الى دار الإسلام ، حيث تتخلصون من الذل ، وتقيمون الدين في حرية ، كما فعل غيركم من المسلمين .. وان دل هذا الحوار على شيء فإنما يدل على ان الله سبحانه لا يعذب أحدا الا بعد إتمام الحجة .. بل الا بعد تراكم الحجج عليه ، بحيث لا يدع للمذنب ملجأ الا مغفرته تعالى ورحمته التي وسعت كل شيء .. اللهم وأنا شيء فلتسعني رحمتك.
(فَأُولئِكَ) ـ أي المتخلفون ـ (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) ـ الذين ـ (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً). بعد أن هدد سبحانه وتوعد المتخلفين استثنى منهم المعذورين لمرض أو عدم النفقة ، وأسقط عنهم تكليف الهجرة ، لأن الله لا يكلف نفسا الا وسعها.
وتسأل : ان استثناء الرجال والنساء المعذورين له وجه معلوم .. فما الوجه لاستثناء الولدان ، مع العلم بأنهم ليسوا من أهل التكليف؟.
وأجيب عن هذا السؤال بأن المراد بالولدان هنا العبيد والإماء .. أما نحن فنجيب بأن كثيرا من الولدان يستطيعون الهجرة بخاصة المراهقين ، بل ان بعضهم أقدر عليها من الكبار ، ومن أجل هذا قد يتوهم متوهم ان الهجرة تجب على من قدر منهم ، فدفع الله هذا التوهم ، وبيّن ان الهجرة تجب على كل قادر إلا إذا كان من الولدان.
وقد استدل الفقهاء بهذه الآية على ان المسلم لا يجوز له أن يقيم في بلد الكفر إذا تعذر عليه اقامة الدين فيه ، حتى ولو كان وطنه ، وله فيه أملاك ومصالح.
ولا موضوع اليوم لهذا الحكم ، لأن لكل انسان في كل بلد أن يعبد الله بالشكل الذي يريد ، فإذا ترك فهو وحده المسئول.
وتسأل ، إذا علم ان إقامته في بلد غير مسلم تؤدي به الى ترك الفريضة .. لا لأن أحدا يمنعه عنها ، بل لضعف الدافع عليها ، ووجود الصارف عنها ، كالملاهي ونحوها : فهل تجوز له الاقامة في هذا البلد؟.