المراد بالكتاب ان الصلوات الخمس مكتوبة ومفروضة ، والمراد بالموقوت انها محدودة بأوقات معينة صباحا ومساء ، والقصد انه متى وضعت الحرب أوزارها ، وزال الخوف فعليكم ان تؤدوا الصلاة في أوقاتها ، ولا تتهاونوا بها. وتكلمنا عن الصلاة واهتمام الإسلام بها فيما سبق من الآيات ، وان تركها يؤدي الى الكفر. (أنظر المجلد الأول ص ٣٦٨).
وتسأل : ان الآية أوجبت صلاة الخوف ، حيث كان القتال بالسيف والرمح والخنجر ، أما الآن فقد تطور سلاح الحرب الى ما نعلم من آلاته الجهنمية .. وعليه ينبغي ارتفاع صلاة الخوف لارتفاع موضوعها.
الجواب : ان السبب الموجب لهذه الصلاة هو الخوف من حيث هو بصرف النظر عن الحرب وآلاته قديمة كانت ، أو حديثة ، فإذا حصل الخوف بسبب غير الحرب جاز قصرها كما وكيفا.
قال صاحب الجواهر : «إذا خاف من سيل أو سبع أو حية أو حريق ، أو غير ذلك جاز أن يصلي صلاة شدة الخوف ، فيقصر عددا وكيفية ، لعدم الفرق في أسباب الخوف المسوغة ، فقد سئل الإمام جعفر الصادق (ع) عمن خاف من سبع أو لص : كيف يصلي؟ قال : يكبر ويومئ إيماء».
ومرة ثانية نقول مؤكدين : ان الصلاة لا تسقط بحال ، وان كل انسان يؤديها بالنحو الذي يستطيعه من القول والفعل ، فإن عجز عنهما أومأ الى الصلاة بطرفه ، فإن عجز عن الإيماء استحضر صورة الصلاة في ذهنه.
(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤))