وفي الحديث القدسي : «وعزتي وجلالي لاقطعن أمل كل مؤمل من الناس». وفي هذه الآية فوائد :
«منها» ان قوله تعالى : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) صريح في ان الإنسان مخير لا مسير.
و «منها» ان قوله : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) دليل على ان من بحث ودقق ، ولم يتبين له الهدى فهو معذور ، تماما كمن لم تبلغه الدعوة ، على شريطة ان يكون متوجها الى طلب الحق ، والعمل به متى ظهر له.
و «منها» ان الإنسان مكلف بما يفهمه من الدليل ، وغير مسؤول عن الواقع كما هو عند الله ، وان المطلوب منه مجرد البحث والتنقيب ، حتى يحصل له اليأس من وجود الدلائل والقرائن ، فإن أصاب الواقع بعد هذا البحث كان له أجران ، وان أخطأه فله أجر واحد ، كما جاء في الحديث.
و «منها» ما جاء في تفسير الرازي ان الشافعي سئل عن آية في القرآن تدل على ان الإجماع حجة؟ فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة ، حتى وجد قوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) حيث دل على ان اتباع غير سبيل المؤمنين حرام فوجب أن يكون اتباع سبيل المؤمنين واجبا. وسبيلهم هو إجماعهم على الشيء.
وان دل هذا على شيء فإنما يدل على انه لا مصدر للإجماع في كتاب الله .. ذلك ان المراد بغير سبيل المؤمنين سبيل المشركين والمنافقين الذين يعاندون الله والرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ، وهذا أجنبي عن الإجماع وبعيد عنه كل البعد .. بالاضافة الى ما قاله الشيخ محمد عبده : «ان الإجماع الذي يعنونه هو اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد وفاة نبيها ، والآية نزلت في عصره ، لا بعد عصره».
ذكر صاحب تفسير المنار مثالا لمن يؤثر الهوى على الهدى ننقله عنه للاستفادة منه ، وللتخفيف عن القارئ ، قال :