في الآية السابقة : (يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) فناسب الاستدلال على هذه السعة بأن له ما في السموات والأرض. الثانية قال : (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي هو غني عمن كفر لأن له ما في السموات وما في الأرض. الثالثة : قال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ). والمراد انه قادر على افناء من يعصي ، وإيجاد من يطيع ، لأن له ما في السموات وما في الأرض .. وعلى هذا فكل مرة من المرات الثلاث لها سبب موجب ، ومقرونة بفائدة جديدة.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). أي ان ثواب الدنيا والآخرة يمكن تحققهما والحصول عليهما ، مع الايمان والتقوى ، ومن ظن ان ثواب الدنيا لا يجتمع مع التقوى فهو مخطئ ، لأن ما من شيء يحقق للإنسان سعادته وكرامته في هذه الحياة إلا ويقره الدين ، بل يأمر به ، ويحث عليه بشرط واحد ، هو أن لا تكون سعادته شقاء لغيره ، وكرامته امتهانا لسواه .. اذن لا تصادم أبدا بين ثواب الدنيا وثواب الآخرة ، وانما التضاد والتصادم بين الظلم وثواب الآخرة ، بين الغش والخداع والسلب والنهب ، وبين مرضاة الله ونعيمه وجنانه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ