انما تحرم إذا لم يكن في التشهير مصلحة أقوى وإلا وجب الإعلان والتشهير تغليبا لأقوى المصلحتين ، «كما هي الحال في كل معصية من حقوق الله وحقوق الإنسان ، وقد نبه على ذلك أكثر من واحد».
وعلى هذا تجوز شرعا الاضرابات والمظاهرات ضد حكام الجور ، بل قد تجب إذا انحصر الطريق في رفع الظلم بها ، على شريطة ان لا تؤدي الى الشغب والإضرار بالغير ، لأن الله سبحانه لا يطاع من حيث يعصى ، فالإسلام يرعى للإنسان قداسته وكرامته ، حتى يعتدي على كرامة غيره ، وعندها ترتفع عنه وعن كرامته الصيانة والحصانة ، ويحل هتكه واذلاله.
وتجدر الاشارة الى ان الظلم لا يختص بحكام الجور وأعوانهم ، فأي انسان اعتدى على غيره بفعل أو قول ، أو منعه حقه ، أو مطله به فهو ظالم ، قال رسول الله (ص) : ليّ الواجد ظلم. وفي حديث آخر : الواجد يحل عرضه. والواجد هو الذي لا يفي بالدين مع قدرته على الوفاء .. وروى أهل البيت عن جدهم (ص) : «من عامل الناس ، فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ـ فهو ممن كملت مروءته ، ووجبت اخوته ، وحرمت غيبته». حتى الكاذب والمخلف بوعده لا حرمة له .. وهكذا يحفظ الإسلام حقوق الفرد ما دام قائما بحقوق الانسانية التي تتمثل فيه وفي غيره ، ومتى هانت عليه كان أهلا للاحتقار والهوان.
(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ). هذا ترغيب في الخير سرا وعلانية. (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً). أجل ، يحسن العفو عن المسيء ، ولكن حين يكون العفو عنه خيرا له ، ولا ضرر فيه على المجتمع ، أما إذا كان وسيلة الى تشجيع المسيء على الاساءة والى انتشار الفساد فان العقاب هو المتعين ، والا اختل النظام ، وساد الأشرار ، واستحالت الحياة ، قال تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ). وقال : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ).
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ