عند الله ـ أي لا بواسطة أحد من الناس ـ ان الله يرزق من يشاء بغير حساب.
وليس من شك ان هذه كرامة لمريم (ع) ، أما من نفى هذه الكرامة ، وقال : ان الطعام الذي رآه عندها زكريا كان من حسنات المؤمنين فهو خلاف ظاهر الآية .. وليست هذه الكرامة بأعظم من ولادة عيسى بلا أب ، فإن كانت تلك محلا للشك والريب فهذه أولى.
ومعنى قوله تعالى : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) انها نشأت على الخلق الكريم ، وطاعة الله وعبادته ، فعن ابن عباس انها لما بلغت التاسعة من عمرها صامت النهار ، وقامت الليل، حتى أربت على الأحبار .. وقيل : لم تجر عليها خطيئة.
وحدث مثل هذه الكرامة لسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله (ص) ، فقد جاء في تفسير روح البيان للشيخ إسماعيل حقي عند تفسير قوله تعالى حكاية عن مريم : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، جاء في هذا التفسير ما نصه بالحرف :
«جاع النبي (ص) في زمن قحط ، فأهدت له فاطمة رغيفين ولحما .. فأتاها ، وإذا بطبق عندها مملوء خبزا ولحما ، فقال لها : انّى لك هذا؟ قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال : الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيدة بني إسرائيل ، ثم جمع رسول الله عليا والحسنين ، وجمع أهل بيته عليه ، فأكلوا وشبعوا ، وبقي الطعام كما هو ، فأوسعت فاطمة على جيرانها».
وفي كتاب ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري ان عليا (ع) استقرض دينارا ليشتري به طعاما لأهله ، فالتقى بالمقداد بن الأسود في حال إزعاج ، ولما سأله الإمام قال : تركت أهلي يبكون جوعا ؛ فآثره بالدينار على نفسه وأهله ، وانطلق الى النبي (ص) ، وصلى خلفه ، وبعد الصلاة قال النبي لعلي : هل عندك شيء تعشينا به؟ وكأن الله قد أوحى اليه أن يتعشّى عند علي ، فأطرق علي لا يحير جوابا ، فأخذ النبي بيده ، وانطلقا الى بيت فاطمة ، وإذا بحفنة من الطعام ،