ينتظرهم العذاب الأليم قلته لمجرد الاستهلاك وملء الفراغ ، كما لاحظ القارئ .. وهكذا فعل غيري من أهل التفاسير ، قال شيخهم الطبري : «لن يستنكف يعني لن يأنف ... ومن يستنكف يعني من يتعاظم». وقال فيلسوفهم الرازي : «لن يستنكف قال الزجاج : أي لن يأنف ... ومن يستنكف المعنى من استنكف». إلى آخر الآية ١٧٣ .. ومثله كثير ، وهو ما عناه الشاعر بقوله : (وفسر الماء بعد الجهد بالماء).
وقد فعلوه عن علم وعمد ، لا لشيء إلا لأن مفسر القرآن الكريم يجب ـ بزعمهم ـ أن يفسر كل ما جاء فيه ، وان كان واضحا ذاهلين عما قالوه في تفسير قوله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ ، وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) وان المحكمات هي الواضحات ، وان توضيحها من أشكل المشكلات.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥))
اللغة :
البرهان الحجة. والمراد بالنور هنا القرآن. والاعتصام بالله الامتناع به من المكروه .. والمراد بالصراط المستقيم الدين القويم.
الإعراب :
صراطا مفعول ثان ليهديهم ، لأنها بمعنى يعرفهم. واليه متعلق بمستقيم ،