ونقل صاحب تفسير المنار عن استاذه الشيخ محمد عبده ان الله أمر زكريا أن ينقطع للذكر والتسبيح ثلاثة أيام ، وان اضطر الى خطاب الناس أومأ اليهم إيماء ، وبعد مضي الثلاثة يبشّر أهله بالحمل. والتفسير الأول أظهر وأشهر.
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤))
المعنى :
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ). ذكر أولا أم مريم وحملها ونذرها ، وزكريا الذي كفل مريم ، ثم ذكر مريم ، ورزق الله لها بغير حساب ، ثم ذكر زكريا ودعاءه واستجابته ، والآن يعود الى مريم .. على عادة القرآن ، حيث يستطرد من قضية الى غيرها لمناسبة بين القضيتين ، ثم يعود الى الأولى لغرض في العودة.
والمراد بالاصطفاء الأول قبولها محرّرة لخدمة بيت الله ، وكان ذلك خاصا بالرجال ، أما الاصطفاء الثاني فلولادتها نبيا دون أن يمسها بشر ، وقيل : هو تأكيد للأول. أما التطهير فقال صاحب تفسير المنار ما نصه : «قد فسر الطهر بعدم الحيض. وروي ان السيدة فاطمة الزهراء ما كانت تحيض ، وانها لذلك لقبت بالزهراء».