محذوف ، والتقدير أفلا يسمعون ما قلنا فيتوبون» وهكذا يأتي الشيء جامدا باردا إذا كان في غير محله.
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ). كنوح وإبراهيم وموسى وغيرهم ، وقد أظهر الله المعجزات على أيديهم كما أظهرها على يد عيسى ، فالقول بربوبيته من دونهم ترجيح بلا مرجح (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ). وبيّن الله معنى الصديقة بقوله : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ ، وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) ـ ١٢ التحريم».
(كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ). كل من افتقر إلى شيء ، أي شيء ولو إلى مكان أو زمان فهو مخلوق ، لأن الافتقار وصف لازم له ، ولا ينفك عنه بحال ، وإلا كان خالقا غير مخلوق .. كما ان الغنى عن كل شيء وصف لازم للخالق ، ومحال أن ينفك عنه ، وإلا كان مخلوقا .. وبديهة أن من يأكل الطعام فهو في أشد الحاجة اليه .. إذن ، هو مخلوق وليس بخالق .. وغريب أن تخفى هذه البديهة الواضحة على عاقل .. ولهذا المنطق ونصاعته عقّب سبحانه على موقفهم بقوله ـ مستنكرا ـ (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ). ومن هذه الآيات ان المسيح وأمه كانا يأكلان الطعام ، فكيف يكونان إلهين؟. (ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ). أي معرضين عن الحق مكذبين له تمردا وعنادا.
(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ