شركاء ، وكتموا اسم محمد (ص) عن علم ، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم آلهة من دون الله ، ثم نهى جل ثناؤه عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ، وقال : «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء». وإذا عطفنا هذه الآية وما اليها على قوله : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً) يكون المعنى ان النصارى (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) كما جاء في الآية ٦٧ من سورة المائدة.
الثاني : إن أهل التفاسير قالوا : إن الآيات التي نحن بصددها نزلت في النجاشي ملك الحبشة ، وكان نصرانيا ، لأن النبي (ص) لما رأى ما حل بأصحابه من أذى المشركين في بدء الدعوة أمرهم بالهجرة إلى الحبشة ، وقال لهم : إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد ، فذهبوا اليه ، وكان من بينهم جعفر بن أبي طالب ، فوجدوا عند النجاشي الأمان ، وحسن الجوار ، وكان ذلك في السنة الخامسة من مبعث الرسول (ص).
وقد تواترت الأخبار ان النجاشي وبطانته من رجال الدين والدنيا أسلموا على يد جعفر بن أبي طالب بعد أن تلا عليهم آيات من الذكر الحكيم ، وذكر محاسن الإسلام. وان أعينهم فاضت من الدمع عند ما سمعوا آيات الله.
وبعد ، فإن من يستشهد بقوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً) على أن النصرانية والنصارى بوجه عام أقرب من غيرهم إلى الإسلام والمسلمين ، ويسكت عن الآيات المتممة لهذه الآية ، ان من يفعل هذا فهو جاهل بكتاب الله ، أو مراء يتزلف إلى النصارى على حساب الإسلام والقرآن ، أو خائن يسمم أفكار السذج من المسلمين ليصدقوا مزاعم أعداء الدين الذين يناصرون إسرائيل ويباركون عدوانها على العرب والمسلمين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا