ولكن قد يرغب بعض القراء في معرفة ما قاله النحاة في أشياء ، فروينا له ما روي عنهم .. والصحيح عندنا ان أشياء ممنوعة من الصرف لأنها وردت كذلك في كتاب الله وعلى لسان العرب .. ومن المفيد أن نشير الى أن كلمة شيء تطلق على المذكر والمؤنث ، وانها تجمع أيضا على أشاوى وأشايا وأشياوات.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). ان قوله تعالى : (لا تَسْئَلُوا) يومئ الى أن بعض الصحابة كانوا يلحفون في الاستفسار عن أمور لا ضرورة لكشفها ، وربما أدى الجواب عنها الى ما يسوء السائلين. وفي رواية : ان رجلا قال للنبي (ص) : من أبي؟ قال له : أبوك فلان. فقال آخر : يا رسول الله أبن أبي؟. قال : في النار. فنزلت الآية. وفي رواية ثانية : ان النبي قال : كتب الله عليكم الحج ، فحجوا ، فقالوا : أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت. فأعادوا السؤال ، فقال : لا. ولو قلت : نعم لوجبت. فنزلت الآية. وهذه الرواية أرجح من تلك لقوله تعالى :
(وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ). أي لا تتكلفوا السؤال عن أشياء الا بعد أن ينزل فيها القرآن ، فمتى ابتدأكم ، واقتضى الأمر الشرح والتوضيح سألتم النبي (ص) فيبدي لكم ما سألتم عنه. وبهذا يتضح ترجيح رواية السؤال عن الحج في سبب النزول على رواية السؤال عن آباء الصحابة وسلفهم ، لأن القرآن يبتدأ النزول بالعقيدة والشريعة ، ولا يبتدئ بآباء الصحابة وسلفهم. وفي الحديث : «ان الله حدد حدودا فلا تعتدوها ، وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وترك أشياء في غير نسيان ، ولكن رحمة منه بكم فاقبلوها ، ولا تبحثوا عنها».
(عَفَا اللهُ عَنْها). أي عن مسائلكم السابقة ، فلا تعودوا إلى مثلها. وقيل : عفا الله عنها ، أي أمسك وكف عن ذكر الأشياء التي سألتم عنها ، فكفوا أنتم ، ولا تتكلفوا السؤال عنها ، وكل من التفسيرين محتمل ، لا يأباه ظاهر