يخبروا من لم يحضر المائدة من قومهم ، فيؤمن الجاحد ، ويطمئن المؤمن ـ وإن لم يأكل.
كان لمحمد (ص) حواريون ، كما كان لعيسى (ع) ، ولأي نبي من الأنبياء ، ولكن صحابة محمد ما سألوه أن يطعمهم من جوع بآياته ومعجزاته كما فعل أصحاب عيسى الذين قالوا له : نريد أن نأكل منها ، ولا أن يؤمنهم من خوف كما فعل أصحاب موسى ، بل قالوا له في بعض معاركه بلسان المقداد بن الأسود : «امض يا رسول الله لما أرادك الله ، فنحن معك ، ولا نقول لك ما قال بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا انّا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه ، حتى تبلغه».
وكانوا يتساقطون شهداء بين يديه ، وهم يقولون : فزنا ورب الكعبة ، وروى عنهم التاريخ في ذلك ما يشبه الأساطير. قاتل عمارة بن يزيد يوم أحد ، حتى أثخنته الجراح ، ولما أيقن بالموت رمى برأسه على قدمي رسول الله ، ولم يرفعه ، حتى فارق الحياة سعيدا بهذه الخاتمة.
وسقط سعد بن الربيع شهيدا في أحد ، فقال لأحد أصحابه : قل لرسول الله يقول لك سعد بن الربيع : جزاك عنا خير ما جزى نبيا عن أمته ، وابلغ قومك عني السلام ، وقل لهم : ان ابن الربيع يقول لكم : انه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ، ومنكم عين تطرف.
وكان عمرو بن الجموح أعرج ، وأراد الخروج مع النبي إلى حرب أحد ، فحاول أولاده أن يمنعوه من الخروج ، فاشتكى لرسول الله ، وقال : اني أرجو أن أعرج الليلة إلى الجنة ، فأذن رسول الله له ، وقتل هو وأولاده الأربعة ، وشقيق زوجته ، فجاءت أرملته بعد المعركة ، وحملت زوجها وأخاها وأولادها الأربعة على جمل ، وذهبت بهم إلى المدينة ، فقابلتها النساء يسألنها عن الأخبار.