قالت : أما رسول الله فبخير ، وكل مصيبة بعده تهون. فسألنها : وما هذه الجثث؟ قالت : هؤلاء أولادي وزوجي وأخي أكرمهم الله بالشهادة ، وأحملهم لأدفنهم.
هذه أمثلة نقدمها للدلالة على مدى الفرق بين حواريي محمد ، وحواريي غيره من الأنبياء. ولا نبالغ إذا ما قلنا : ان ما من نبي على الإطلاق ظفر بما ظفر محمد رسول الله (ص) من أصحاب صدقوا ما عاهدوه عليه. أما السر فيكمن في شخصيته ، وعظمة رسالته.
الآية الثالثة : (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين). لما رأى عيسى منهم الإصرار ، وعلم انهم لا يقصدون العنت والتعجيز دعا الله سبحانه بدعاء العبد الخاضع المتضرع لسيده ، مناديا : يا ربنا .. ومنك .. وانت .. الخ دفعا لكل شبهة وتكذيبا لكل زاعم ان لعيسى فيها يدا ، وانها من صنعه ، لا من صنع الواحد الأحد .. والمراد بالآية المعجزة ، وبالعيد الفرحة والسرور.
الآية الرابعة : (قال الله اني منزلها عليكم فمن كفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين). استجاب سبحانه لتضرع عيسى ليزداد أصحابه ثقة به ، وإيمانا بنبوته ، وتلزمهم الحجة إذا خالفوا ، ويستحقوا أشد العقاب الذي لا يعاقب الله به أحدا ممن جحد وكفر ، لأنهم هم الذين اقترحوا المائدة ، وطلبوها بالذات ، ومن استجيب الى طلبه تقوم عليه الحجة وتنقطع منه كل معذرة إذا خالف ونكص.
(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ