وهما من النبات ولحم الحيوان المتولد من النبات ، والنبات من الطين (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ). للقضاء معان ، منها الحكم والأمر : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي أمر .. ومنها الإخبار والإنهاء : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي انهينا. ومنها الحتم الذي لا مفر منه : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وهذا المعنى هو المراد هنا.
والله سبحانه قضى لكل فرد من عباده أجلين : أحدهما ينتهي بموته ، وبعده يعرف كم عاش. وثانيهما لإعادته وبعثه بعد الموت ، وعلم هذا عند الله وحده ، ولا يطلع عليه أحدا من خلقه ، كما دلت على ذلك كلمة عنده. (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ). أي تشكّون ، والمعنى : أبعد ان قامت الدلالة على قدرة الله في الخلق الكبير ، وهو الكون ، وفي الخلق الصغير ، وهو خلق الإنسان وموته وبعثه ، أبعد هذا تشكون في وجود الله ووحدانيته وعظمته! .. وخير تفسير لهذه الجملة قول علي أمير المؤمنين (ع) : عجبت لمن شك في الله ، وهو يرى خلق الله ، وعجبت لمن نسي الموت ، وهو يرى الموت ، وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى ، وهو يرى النشأة الأولى.
(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ). ذكر سبحانه في الآية الأولى انه خالق السموات والأرض ، والنتيجة الحتمية لهذا انه موجود في السموات والأرض ، ومعنى وجوده فيهما وجود آثاره ، وذكر في الآية الثانية انه خالق الإنسان ومميته ومعيده ، واللازم القهري لذلك انه يحيط علما بسره وجهره ، وما يكسبه من إيمان وكفر ، وإخلاص ونفاق ، وأقوال وأفعال تعود عليه بالخير أو الشر.
(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥)