ولو تمثل الملك على صورة البشر لقالوا له نريد ملكا رسولا ، ولا نريده بشرا .. إذن ، فالملك بصورته لا يمكن أن يبلغ الرسالة ، وبصورة البشر لا يؤمن به مشركو مكة ، فتبقى مشكلتهم من غير حل .. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية صريحة الدلالة على ان الله سبحانه قد جادل المكذبين بالأسلوب والمنطق الذي يستعمله أهل المعقول لافحام خصومهم.
(وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ). أي لو جعل الله الملك في صورة البشر لظن الناس أنه بشر في حقيقته ، وعليه يكون الله جل ثناؤه قد موّه في أفعاله ، تماما كما يموّه الناس بعضهم على بعض ..
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). أي هوّن عليك يا محمد ما تلقى من استخفاف قومك ، فإن الاستخفاف بالأنبياء والمصلحين ليس وليد الساعة ، بل كان موجودا منذ القديم ، والله سبحانه قد عاقب المستهزئين بأنبيائهم ، وسيحل بمن استهزأ بك ما حل بمن كان قبلهم ، وفعل فعلهم .. وهكذا كان ، فإن الله سبحانه قد أهلك من سخر بمحمد (ص) ، وامتنّ الله عليه بهلاكهم ، حيث خاطبه بقوله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) ـ ٩٥ الحجر.
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ). تقدم تفسيره في الآية ١٣٧ من آل عمران.
(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)