هو الذي تعلو شهادته كل شهادة ، ثم أمره تعالى بالجواب عنهم (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). ولا جواب في الواقع غير هذا الجواب باعتراف الخصوم ، وهو ان الشاهد بيننا هو الله.
(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ). القرآن هو الشهادة من الله على نبوة محمد ، وهو يتحداهم جميعا أن يأتوا بسورة من مثله ويدعوا من شاءوا ، وقد حاولوا وعجزوا ، وهذا العجز أكبر شهادة على صدق النبي في رسالته. وقوله : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) معناه ان الله سبحانه أوحى إليّ القرآن لأنذركم به يا أهل مكة ، وأنذر به كل من بلغه إلى يوم يبعثون .. قال بعض الصحابة : من بلغه القرآن فكأنه رأى رسول الله (ص) ، وتدل هذه الآية على أن من لم تبلغه دعوة محمد (ص) فهو معذور في ترك الإسلام. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ١١٥ من آل عمران ، فقرة حكم تارك الإسلام.
(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى). الاستفهام هنا للإنكار والاستبعاد والمعنى كيف تجعلون مع الله إلها آخر بعد وضوح الأدلة على وحدانيته جل وعز ، ثم أمر الله نبيه أن يجيب بأنه لا يشهد كما يشهدون : (قُلْ لا أَشْهَدُ). ثم أمره بأمر آخر : (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) بعبادة الأصنام وغيرها.
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ