وأقواله وأفعاله ، وثالث : انه القرآن ، وان الله سبحانه بيّن فيه كل ما يجب بيانه للناس من أصول الدين وفروعه ، وما يتعلق بهما ، واخترنا هذا القول في ج ١ ص ٣٨ فقرة القرآن والعلم الحديث.
(ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ). ظاهر الكلام يدل على ان الله يحشر الدواب والطيور يوم القيامة ، تماما كما يحشر الناس ، وكذلك الآية ٥ من التكوير : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ). وقال كثير من العلماء بذلك استنادا الى ظاهر الآيتين ، وإلى حديث : «ان الله يقتص غدا للجماء من القرناء».
ونحن مع ابن عباس الذي قال : المراد بحشر البهائم موتها ، كما ورد في حديث : «من مات فقد قامت قيامته» لأن الحساب والعقاب إنما يكون بعد التكليف ، ومخالفته ، ولا تكليف إلا مع العقل ، ولا عقل للدواب والطيور فلا تكليف ، وبالتالي فلا حشر للحساب ، ولو حوسب الدواب لحوسب الأطفال بطريق أولى.
أما حديث «يقتص للجماء» فهو كناية عن عدل الله تعالى ، وانه لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها .. وإذا كان الله يعاقب القرناء إذا نطحت الجماء فبالأولى أن يحرم علينا ذبح الحيوان .. أما قول من قال : ان الله يعوض غدا الحيوان عن آلامه فهو قول على الله بغير علم.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ). أي انهم كالصم ، لأنهم لا يستمعون إلى دعوة الحق ، وهم كالبكم ، لأنهم لا ينطقون بما عرفوا من الحق ، وهم في ظلمات التقليد ، وظلمات الشرك والكفر والفسق والآثام. (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). تقدم الكلام عن الضلال والهداية عند تفسير الآية ٢٦ من البقرة ، فقرة «الهدى والضلال» ج ١ ص ٧٠ ، والآية ٨٨ من النساء فقرة «الإضلال من الله سلبي لا إيجابي».
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ