(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ). وكفاهم قهرا ان يأتوا إلى هذه الحياة مسيرين ويتركوها مكرهين .. قال الإمام علي (ع) : لا شيء إلا الواحد القهار الذي اليه مصير جميع الأمور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها.
(وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً). وهؤلاء الحفظة من الملائكة ، قال تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) ـ ١٣ الانفطار. ونحن نؤمن بذلك ، لأن الوحي أخبر عنه ، والعقل لا يأباه ، ولم يرد في كلام الله ، ولا في كلام الرسول بيان لصفة الكاتب والكتابة ، والعقل لا يلزم بالبحث والسؤال عنهما ، فندعهما لعلم الله تعالى. أما من شبّه الملائكة الكاتبين برجال البوليس السري ، كما في تفسير المنار والمراغي ، أما هذا التشبيه فهو من قياس الغيب على الشهادة ، والسماء على الأرض ، مع وجود الفارق البعيد.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ). وتجد تفسيره في قوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) ـ ١١ السجدة ، وهذا أيضا من الغيب الجائز عقلا ، الثابت وحيا ، تماما كالحفظة الكاتبين. (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ليقضي فيهم بحكمه (أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) يحاسب ويحكم وينفذ في أقصر أمد ، لأن الحق جلي ، والحكم مبرم ، والجزاء معد ، وكل شيء يتم بمجرد الارادة.
(قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً