ذكر الخاص بعد العام ، لأن هدى الله يدخل فيه كل ما أمر الله به ، ونهى عنه ، والقصد من ذكر الإسلام بالخصوص التنبيه الى عظمته (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ). إذ لا هداية ، بل ولا اسلام إلا بها ، فإنها عمود الدين ، ان قبلت قبل ما سواها ، وان ردت رد ما سواها ، واتقوه : الضمير يعود إلى رب العالمين ، وأمر سبحانه بالتقوى بعد الأمر بالصلاة ، لأنه لا صلاة ولا إيمان صحيحا بلا تقوى ، فعبادة الله حقا هي السير على منهاجه ، وطاعته في جميع أحكامه ، لا في بعض دون بعض.
(وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). قال تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) ـ ٢١ ق ، سائق يسوقها إلى محشرها ، وشاهد يشهد عليها بما أعدت لهذا اليوم.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ). الحق هنا إشارة إلى أن للكون قوانين تحكمه ، وسننا يسير عليها باطراد ، تحول دون الفوضى التي لا يستقيم معها شيء على الإطلاق .. وفي هذا دلالة بالغة على وجود من يدبر الأمر ، ويجزي كل نفس بما كسبت.
(وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُ). في الكلام حذف وتقديم وتأخير ، وأصله هكذا : وقوله الحق يوم يقول للشيء كن فيكون ، ومعناه ان قول الله واقع لا محالة ، ويظهر ذلك جليا واضحا للعيان يوم يقول للشيء كن فيكون ، سواء أقال هذا القول يوم بدأ الخلق ، أم يوم يعيده ، وبكلمة : ان قول الله عين فعله في إيجاد الشيء من لا شيء ، وفي إعادته إلى ما كان عليه بعد انحلاله وتفرق أجزائه (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ). والنفخ في الصور كناية عن بعث من في القبور ، ومعنى ملكه لهذا البعث انه هو الذي يعيد الموتى إلى الحياة.
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ). الغيب هو الشيء الخفي المستور ، كالملائكة والبعث وما يضمره الإنسان في نفسه ، والشهادة ما كان ظاهرا كالأرض والسماء ، وما