وكل ولد آدم فان عصبتهم لأبيهم خلا ولد فاطمة فاني أنا أبوهم وعصبتهم وقد جرى الناس على هذا ، فيقولون في أولاد فاطمة أولاد رسول الله (ص) وأبناؤه وعترته وأهل بيته.
ومعنى هذا الكلام ان ولد فاطمة (ع) ليسوا أبناء رسول الله (ص) لغة ، ولكنهم أبناؤه شرعا لقول الرسول : أنا أبوهم وعصبتهم وأيضا هم أبناؤه عرفا ، لأن الناس قد جروا على القول : ان ولد فاطمة هم أولاد رسول الله وابناؤه وعترته وأهل بيته .. وقد أجمع علماء السنة والشيعة قولا واحدا على ان الشرع في مداليل الألفاظ مقدم على العرف واللغة ، وان العرف مقدم على اللغة ، لأن الحكيم يخاطب الناس بما يتبادر الى افهامهم ، لا بما هو مسطور في قواميس اللغة ، فإذا أوردت كلمة في آية أو رواية ، ووجدنا لمعناها تفسيرا خاصا في كتاب الله أو السنة النبوية فتحمل الكلمة على هذا المعنى الخاص ، ويسمى بالمعنى الشرعي ، ويهمل المعنى اللغوي والعرفي ، وإذا لم نجد لها تفسيرا في الكتاب والسنة فتحمل على ما يفهمه الناس منها ، ويسمى بالمعنى العرفي ، فإن لم يفهم الناس منها معنى معينا فتحمل على المعنى الموجود في قواميس اللغة.
وعلى هذا يأتي المعنى الشرعي في الدرجة الأولى ، والعرفي في الثانية ، واللغوي في الثالثة ، وقد ثبت شرعا وعرفا ان الحسن والحسين ابنا رسول الله فيتعين ذلك ، وتهمل اللغة ، لأنها محكومة بالشرع والعرف.
أما السر في ان الحسن والحسين ابنا رسول الله ، مع انهما ليسا من أبنائه لغة ، أما هذا السر فيجده الباحث في صفات الحسنين وشمائلهما ، انها عين صفات الرسول الأعظم وشمائله .. وحسب الباحث من سيرة الحسن ان معاوية بن أبي سفيان لم يسعه الملك الذي كان فيه ، وفي الحسن عرق ينبض ، وحسب الباحث من سيرة الحسين ان يزيد بن معاوية ضاقت به الدنيا مع وجود الحسين ، كما ضاقت بأبيه معاوية من قبل ، مع وجود الحسن.
(وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً) هديناهم أيضا (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) في زمانه (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ) من ، هنا للتبعيض ، أي وفضلنا البعض من كل صنف من هؤلاء ، لأن من ذرياتهم وإخوانهم كانوا