وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ). كل من دان بدين فانه يؤمن بصدقه ايمانا مطلقا ، ويتعصب له تعصبا أعمى ، وكل من رأى رأيا فانه يعتقد بصوابه ، وبأن ما عداه وهم وخيال ، وإذا أحصينا جميع الآراء والمعتقدات ، وقسناها بمقياس الله وميزاته جاءت النتيجة ان أكثر الناس يتبعون الظن الخاطئ ، والحدس الكاذب .. ومن أجل هذا أمر الله نبيه ان لا يستمع إلى الناس ولا يقرهم على عاداتهم وتقاليدهم ، وان عليه أن يتبع ما أوحاه الله اليه ، لأنه هو طريق الحق والهداية.
وإذا كان أكثر الناس على خطأ فيما يرون ويدينون فلا وزن ـ اذن ـ لأقوالهم وأحكامهم على هذا بالهداية ، وذاك بالضلال ، وانما الحكم في ذلك لله وحده ، أي لما بينه من الأصول والضوابط في كتابه الحكيم ، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). ومن تلك الأصول الإلهية التي يتميز بها المحقون عن المبطلين قوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ـ ٣٣ فصلت.
(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩) وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١))