منه ، ولا يجوز له أن يأكل من الحيوان الذي أماته الله حتف أنفه! فأنكر الله ذلك على هؤلاء ، وقال : (ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ). يشير تعالى بقوله : وقد فصل لكم الخ ، يشير الى الآية رقم ١٤٥ من هذه السورة ، ويأتي الكلام عنها ، وإلى الآية ١٧٣ من سورة البقرة ، وتكلمنا في تفسيرها عن المحرمات ، وعن حكم المضطر ج ١ ص ٢٦٤.
(وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ). أي يحللون ويحرمون من غير دليل ، ووفقا لشهواتهم ، من ذلك ان مشركي العرب حللوا أكل الميتة وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وسبق الكلام عن ذلك في الآية ٣ من سورة المائدة (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) الذين يحللون ويحرمون بأهوائهم وشهواتهم ، وانه سيعاقبهم بما يستحقون.
(وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ). المراد بالإثم فعل الحرام الموجب له ، وظاهره ارتكاب المعصية علانية ، وباطنه ارتكابها سرا ، وقد نهى سبحانه عن اقتراف جميع المعاصي ما ظهر منها ، وما بطن (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) من اتباع الأهواء بغير علم ، ولا يتركون سدى من غير حساب وعقاب.
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ). ضمير انه يعود إلى الأكل ، وهو مصدر متصيد من لا تأكلوا ، والفسق المعصية .. بعد أن أحل سبحانه ما ذبح على اسمه تعالى حرم ما لم يذكر اسمه عليه. واستنادا إلى ذلك أجمع الفقهاء ، ما عدا الشافعية على ان الذابح إذا ترك التسمية عامدا حرمت الذبيحة ، تماما كالميتة .. ويكفي مجرد اسم الله ، مثل : الله. الله أكبر. الحمد لله. بسم الله. لا إله إلا الله ، ونحو ذلك. واختلفوا إذا تركت التسمية سهوا. قال الحنفية والجعفرية والحنابلة : لا تحرم الذبيحة. وقال المالكية : تحرم. وقال الشافعية : لو ترك التسمية عمدا لا تحرم الذبيحة ، فبالأولى لو تركها سهوا.
(وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ). المراد بالشياطين هنا أبالسة