ثانيا : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما). لم يحرم على اليهود جميع أجزاء البقر والغنم ، بل اللحم الأبيض ، دون اللحم الأحمر ، بل استثنى من شحوم البقر والغنم ثلاثة أصناف : الأول ما أشار اليه بقوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) وهو الشحم الملتصق بالظهر. الثاني : (أَوِ الْحَوايا) وهي المصارين والأمعاء ، والمراد ان الشحوم الملتصة بها غير محرمة. (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) وهو شحم الألية في قول جميع المفسرين على عهدة الرازي ، أما العظم الذي اختلط به شحم الألية فهو العصعص.
(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) هذا بيان لسبب حرمان اليهود من هذه الطيبات ، وانه جزاء على جرائمهم التي لا يبلغها الإحصاء ، ومنها قتل الأنبياء ، وأكلهم أموال الناس بالباطل ، وقولهم : الله فقير ، ويده مغلولة .. وفي تفسير الآية ٩٣ من سورة آل عمران ج ٢ ص ١١٤ ما يتصل بقوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمنا.
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ). أي ان كذبوك يا محمد فلا تؤيسهم من رحمة الله ، وقل لهم : ان الله بقبلكم ويصفح عنكم ان تبتم وأنبتم ، كما انه ينتقم منكم إذا أصررتم على ما أنتم عليه ، وفي هذه الآية وعد ووعيد ، رضا الله وغضبه ، رضاه عمن التجأ اليه طالبا المغفرة ، وغضبه على من أصر على التمرد والعناد : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) ـ ٧ ابراهيم.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ