بجريرة غيره ، ولا صلة لها بالجهاد والنصح ، ولا بغيرهما من قريب أو بعيد ، لأن عدم المؤاخذة على ذنب الغير شيء ، ووجوب الجهاد وإصلاح الفاسد شيء آخر.
سؤال ثان : لقد اعتاد الناس أن يبذلوا المال والطعام عن أرواح أمواتهم ، وان يقرءوا سورا من القرآن ، ويهدوا اليهم ثوابها ، فهل مثل هذا جائز شرعا؟ وهل ينتفع به الأموات؟ كيف؟ والمفروض ان الأموات لا يعذبون بسيئات الأحياء ، فينبغي أن لا يتنعموا بحسناتهم؟.
الجواب : قلنا : ان كلا من العقل والشرع يأبى أن يؤخذ البريء بجرم المذنب ، وان يشاركه فيما يستحق من العقاب ، أما بالنسبة إلى الثواب فلا مانع في نظر العقل أن يشارك غير المحسن المحسن في الثواب الذي استحقه على عمله ، وقد ورد الشرع بذلك ، فوجب التصديق ، قال رسول الله (ص) : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له .. وقال : من مات وعليه صوم فليصم عنه وليه .. وقال : من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات. وعن الإمام جعفر الصادق (ع) : ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وحين؟.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على ان الميت ينتفع باهداء الثواب على عمل الخير والعقل لا يأبى ذلك إطلاقا ، لأنه يتفق مع فضل الله وكرمه ، ولكن الناس توسعوا كثيرا ، وتجاوزوا الموارد المنصوص عليها ، وقد اتفق الفقهاء على ان كل من أتى بما لا نص فيه بقصد انه راجح شرعا فقد ابتدع في الدين ، وافترى على الله ورسوله .. فالأولى أن يهدى الثواب إلى الميت رجاء أن ينتقى به من غير قصد الرجحان دينا وشرعا.
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) دون أن تستندوا إلى عقل أو وحي ، فاعترفتم بما هو معروف عندكم ، لا عند الحق ، وأنكرتم ما هو منكر عند أهوائكم وشهواتكم.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ