(إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ). يرانا الشيطان وجنوده ، ونحن لا نرى واحدا منهم ، بهذا خبر الوحي ، ونحن به من المؤمنين (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ). تومئ هذه الجملة إلى جواب عن سؤال مقدر ، وتقرير السؤال : إذا كان الشيطان يرانا ولا نراه فمعنى هذا انه يقدر علينا ، ونعجز عنه ، وانه يستطيع اغتيالنا متى شاء ، ولا نستطيع التحفظ منه ، فكيف صح الأمر بالحذر منه ، والنهي عن الإصغاء اليه؟.
وتقرير الجواب بنحو من التفصيل : أجل ، نحن لا نرى الشيطان بشخصه ، ولكنا نحس بآثاره ، وهي وسوسته ان لا جنة ولا نار ، ونحو ذلك .. فمن آمن بالله واليوم الآخر يعرض عن هذه الوسوسة ، ولا يستجيب لها ، ويتعوذ منها وممن يوسوس بها ، فينقلب الشيطان عنه خاسئا خاسرا ، ومن كفر بالله واليوم الآخر يندفع مع هذه الوسوسة ، ويستولي الشيطان عليه ، فيقوده حيث شاء ، ومتى شاء ، وهذا معنى قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أما المؤمنون فلا ولاية للشيطان عليهم ، لأنهم أسلموا قيادهم لله وحده : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ).
وقال بعض المفسرين : ان الشياطين التي لا نراها هي المكروبات يحملها الذباب والبعوض إلى جسم الإنسان ، فتتوالد فيه وتنمو بسرعة ، وتسبّب الأمراض المستعصية .. وهذا تفسير لمراد الله تعالى بالحدس والتخمين .. وما هو من منهجنا في شيء.
(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ