(كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) يتلاعنون ، وقد كانوا اخوة في الدين ، وتجمعهم الأنساب والاصهار .. وهكذا أهل الأهواء والضلال يتحابون ويتعاطفون حين الدعة وأيام الأمل ، ويتباغضون ويتلاعنون حين لا يدرك أمل ، ويرجى نوال.
(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) أي تلاحقوا ، وأدرك بعضهم بعضا ، وعندها يبدأ الخصام والجدال (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ). قال بعض المفسرين : المراد بأولاهم الأولى دخولا في النار ، وبأخراهم المتأخرة دخولا فيها. وقال آخرون : بل المراد بأولاهم القادة المتبوعون ، وبأخراهم الأتباع. وهذا القول أقرب وأنسب لقول أخراهم : هؤلاء أضلونا مشيرين لأولاهم ، لأن المضل متبوع والمضلّل تابع .. طلب التابعون من الله سبحانه أن يضاعف العذاب للمتبوعين ، لأنهم السبب في ضلالهم (قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) أي ان لكم ولهم عذابا مضاعفا ولكن لا يعلم كل فريق ما للآخر من مقدار العذاب وشدته.
(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) طلب التابعون أن يزيد في عذاب المتبوعين ، فقال هؤلاء لأولئك : ولما ذا هذا الطلب؟ وكلنا في الجزاء سواء ، ولا تفاوت في شيء ، حتى يزيد الله في عذابنا دون عذابكم ، ثم توجه المتبوعون إلى التابعين ، وقالوا لهم جوابا عن طلب المزيد في عذابهم : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) مختارين من الآثام ، وما كان لنا عليكم من سلطان.
(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي