(أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ). لو استجاب الله لدعوتهم هذه لبطلت جميع المقاييس والقيم ، وتساوى الخبيث الذي لا يؤمن إلا والسيف مصلت على رأسه مع الطيب الذي يؤمن بالحق بملء ارادته ، ويضحي في سبيله بالنفس والنفيس (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). وهكذا تذهب أعمال المبطلين سدى ، ويغيب عنهم الشفعاء والأولياء الذين كانوا يعملون من أجلهم ، ويدخرونهم لساعة العسرة.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦))
اللغة :
استوى هنا بمعنى استولى. والعرش كناية عن الملك والسلطان. والغشاوة الغطاء ، وقيل: المراد بها الذهاب ، أي ان الليل يذهب بنور النهار. وحثيثا مسرعا. والمسخر الخاضع المنقاد. وتبارك الله ، أي تعالى بعظمته ، وهو فعل غير منصرف لا يصاغ منه أمر ولا مضارع. والتضرع التذلل. والخفية لغة ضد العلانية.