ان الأيام قد تكون ست مراحل ، وقد تكون ستة أطوار ، وقد تكون ستة أيام من أيام الله التي لا تقاس بمقياس زماننا .. وقد تكون شيئا آخر ، فلا ينبغي أن يجزم أحد ما ذا يعني هذا العدد على وجه التحديد .. والظن باسم العلم محاولة تحكمية ، وهزيمة روحية أمام ما يقال له علم ، وهو لا يتجاوز درجة الظنون والفروض.
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ). هذه الجملة تفسرها الجملة التي بعدها ، وهي (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) أي انه يملك الكون ويدبر أمره ، ومثلها الآية ٣ من سورة يونس : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ). وانما عبر سبحانه عن ملكه وتدبيره بالاستواء على العرش لأن الملك يستولي على مملكته ويديرها : وهو على عرشه ، والقصد التقريب ، دون التشبيه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً). هذا من تدبيره تعالى لشؤون الكون ، ومعناه ان الليل يتبع النهار ، ويتعقبه مسرعا في طلبه ، ويتغلب على المكان الذي كان فيه ، فيصير مظلما بعد ان كان منيرا ، ومثله قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أي يتغلب على ضوء النهار ، وقوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) أي يتغلب على ضوء الشمس.
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ). أي وخلق هذه الكواكب تنقاد لمشيئته ، وتسير على مقتضى الحكمة والمصلحة .. والكلام عن هذه الكواكب يحتاج الى علم الفلك ، ولا نعرف منه شيئا (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) هذا بيان وتفسير لقوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) كما أسلفنا ، وفي الحديث : من زعم ان الله جعل للعباد من الأمر شيئا فقد كفر بما أنزل على أنبيائه بقوله : الا له الخلق والأمر. (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ). تعالى بوحدانيته وملكه وتدبيره.
(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً). وليس معنى دعوة العبد ربه أن يقول : اللهم رحمتك وغفرانك ، كلا .. وانما دعوة الحق أن يخافه ويتقيه ، ويلتزم أوامره ونواهيه ، وليس المراد بالتضرع أن يقول : اللهم أتضرع اليك تائبا ،