فسادا وطغيانا من تحويل الطيبات من الرزق إلى قنابل النابالم ، تقتل الصغار وتشوه الكبار ، وإلى نفاثات السموم واللهب يحرق الأخضر واليابس ، أما القنابل الذرية والهيدروجينية فإنها لا تبقي ولا تذر.
لقد بدّل الإنسان نعمة الله كفرا ، وحوّل نعيم أرضه إلى جحيم ، وربط مصير الانسانية كلها بمصير القنابل الذرية والهيدروجينية .. لقد أودع الله في هذه الأرض المتع والطيبات من الرزق لعباده وعياله ، وأودع الظلوم الكفار القنابل الذرية في مخازنه وطائراته ، تجوب أجواء القارات ليل نهار ، يرقب الفرصة المؤاتية ليحوّل الأرض ومن عليها إلى رماد وهباء .. وهذا هو تأويل قوله تعالى : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها). فيجب أن تعرف الذي أفسد علينا الأرض بعد أن أصلحها الله لنا ، وأن نقطع عليه الطريق بكل ما نملكه من وسائل ، وأقلها أن نعلن حقيقته للملإ ، ونسميه باسمه الذي وضع له ، وهو عدو الله والانسانية ، ليحذر الناس ، كل الناس من مكره وخداعه.
(وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً). ان بث روح اليأس خيانة ، لأنه لا حياة مع اليأس ، وبث روح الأمل مع ترك التحفظ والحذر أيضا خيانة ، لأنه تغرير وتخدير ، وطريق النجاة وسط بين الاثنين ، قال تعالى : (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) ـ ٥٧ الإسراء. وقال : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) ـ ٥٠ الحجر. فالمؤمن العاقل يعمل ، وهو خائف من الله أن لا يقبل منه لخلل في عمله ، وفي الوقت نفسه يرجو النجاح والقبول ، وكل من الخوف والرجاء يدعو إلى التحفظ والإتقان ، (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). فيه إيماء إلى أن من يخاف الله ويرجوه فهو من أهل الإحسان ، وانه تعالى يجازي الإحسان بمثله.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً