لأنه في الدنيا كان بمحاربة بعضهم بعضا ، وتنكيل بعضهم ببعض .. وبديهة ان الأب لا يعذب أبناءه ، والمحب لا يعذب أحباءه.
أما الدليل على عذابهم في الآخرة فقد أشار اليه سبحانه بقوله : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ) لا تمتازون عن غيركم في شيء .. كل الناس من آدم ، وآدم من تراب كما قال رسول الله (ص). (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) ممن يراه أهلا لمغفرته (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ممن يراه مستحقا لعذابه ، وليس لأحد أن يفرض عليه الغفران ، أو يمنعه من العذاب.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما). لأنه خالق الكون ، ومن كان كذلك فهو غني عن الأبناء والأحباء. (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ). وهناك يعلم اليهود والنصارى انهم أبغض عباد الله لله ، وأكثرهم عذابا على افترائهم الكذب بأنهم أبناء الله وأحباؤه.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ). أي بعد انقطاع الوحي أمدا من الزمن ، واحتياج الناس الى الأنبياء والمرشدين ، قال الإمام علي (ع) : «بعثه والناس ضلّال في حيرة ، وخابطون في فتنة ، قد استهوتهم الأهواء ، واستزلتهم الكبرياء ، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء ، حيارى من زلزال في الأمر ، وبلاء من الجهل ، فبالغ (ص) في النصيحة ، ومضى على الطريقة ، ودعا الى الحكمة والموعظة الحسنة».
(أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) ولم يترك الله لكم حجة ولا معذرة ، وهذه الآية بمعنى الآية ١٦٥ من سورة النساء : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) ومر تفسيرها. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). يقدر على نصرة محمد (ص) ، وإعلاء كلمة الإسلام ، وان جحده اليهود والنصارى.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ