على علم من هذه الحقيقة ، ومع هذا يصرون على كبائر الذنوب قائلين : سيغفر الله لنا .. وهذا نقض للعهد والميثاق ، وكذب على الله وافتراء : وقد خاب من افترى (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ولا يتهافتون على عرض هذا الأدنى ، ولا يقولون كذبا وافتراء : سيغفر الله لنا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وكيف يعقل من أعشت الشهوات عقله ، وأمرضت الأهواء قلبه؟
(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ). الذين يمسّكون بالكتاب هم الذين يعملون به ، ويمسّك أبلغ من يعمل لأنه يشعر بالجد والعزم الثابت على العمل ، وعطف أقاموا الصلاة على يمسكون من باب عطف الخاص على العام ، لسر في الخاص أوجب النص عليه بالذات ، والآية تعريض باليهود الذين آمنوا بالتوراة ، ولم يعملوا بأحكامها ، وأيضا هي تعريض بكل من انتسب إلى دين وتهاون في أحكامه ، بخاصة الصلاة التي هي عمود الدين .. ولكنها عند أبناء هذا الجيل تأتي على الهامش لأن الدين كذلك عندهم.
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). رفع الله الطور فوق بني إسرائيل كأنه سقف أو غمامة تظللهم ، وأمرهم في ظل هذه المعجزة ، وهذا التخويف ان يتقوا الله .. ولكن إسرائيل هي إسرائيل .. وتقدم نظيره في سورة البقرة الآية ٦٣ ج ١ ص ١١٩.
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤))