المعنى :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ). المراد بالساعة خراب الكون وموت الخلائق ، ويجليها يكشفها ويظهرها ، واللام في لوقتها للتوقيت ، مثل أقم الصلاة لدلوك الشمس .. ويدل ظاهر الآية على ان قوما سألوا رسول الله (ص) : متى تقوم الساعة؟ فأمره الله أن يقول لهم : انها من الأمور التي ليس في طاقة البشر معرفتها ، وان علمها مختص بالله وحده ، وهو الذي يكشفها في وقتها المحدود (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ثقل وقعها على أهل السموات والأرض لعظمتها وشدتها (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) من غير اعلام سابق.
(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) أي كأنك مهتم بالسؤال عنها مثل اهتمامهم. لم يكن النبي (ص) يهتم بعلم الساعة ومتى تقوم؟ وانما كان يهتم بالعمل لأجلها والانذار بها ، ويربط بين النجاة من هولها وبين العمل الصالح ، ومن أجل هذا لم يسأل ربه عنها. وقيل : ان أعرابيا سأله : متى تقوم الساعة؟. فقال له النبي (ص) : وما ذا أعددت لها؟. يريد بجوابه هذا أن يفهمه ان الأولى بك أن تسأل عما ينجيك منها ، لا عن وقتها وشكلها. فالعاقل إذا أصيب بداء لا يسأل : كيف يموت به؟ وانما يسأل : ما الذي يشفيه منه؟. وأعاد سبحانه (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) لتأكيد حصر العلم بالساعة وحده ، وتمهيدا لقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) بأن علم الساعة عند خالقها ولا يطلع عليه أحدا.
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ). هذه عقيدة المسلمين بنبيهم محمد أشرف خلق الله أجمعين ، لا يملك لنفسه شيئا فضلا عن أن يملكه لغيره ، وهذا الاعتقاد بمحمد (ص) هو نتيجة حتمية لعقيدة التوحيد.
(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ). ان كلمة الغيب لا تدل على معناها فحسب ، بل تدل أيضا على ان الغيب لله وحده ،