الخطاب في اضربوا للملائكة. وقال آخرون : بل للمسلمين. ثم اختلفوا في المراد من فوق الأعناق ، فمن قائل : المراد الأعناق بالذات ، وان فوق بمعنى على ، ومن قائل : المراد الرؤوس ، ومن الطريف قول بعض الصوفية : ان المراد النفوس الخبيثة .. والذي نختاره نحن ان الخطاب للمسلمين ، لأنهم المقصودون بالقتال ، وان قوله : فوق الأعناق وكل بنان كناية عن حث المسلمين على الشدة في قتال المشركين ، وان لا تأخذهم بهم هوادة ، ولا يدعوا فرصة تمر إلا ضربوهم في أي عضو من أعضائهم اتفق ، فهذه الآية أشبه بقوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ـ ٢ النور.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ). ذلك اشارة إلى لزوم معاملة المشركين بالشدة ، وبأنهم بيان للسبب الموجب لهذه الشدة ، وهو وقوف المشركين من الله والرسول موقف المخالف والمعاند (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ) ذا اشارة الى العقاب الشديد وخطاب كم للذين شاقوا الله والرسول (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) الى جانب ما أصابهم في الدنيا من القتل والأسر والهزيمة ، وليست هذه بشيء بالقياس الى النار الكبرى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ