ولكن هذه الكلمات لم تترك أثرا في نفس قابيل ، بل على العكس زادت من نقمته ، ونفّذ الخطة عامدا ، وبعد أن صار أخوه جثة هامدة لم يعرف كيف يواريها ، فبعث الله غرابا ، فحفر برجليه ومنقاره حفرة ، فلما رآها القاتل زالت حيرته ؛ واهتدى الى دفن أخيه من عمل الغراب .. ولكنه عض يده ندامة بعد أن أدرك فداحة الخطب ، كما أدرك انه دون الغراب معرفة وتصرفا.
هذا هو موجز القصة ، كما دلت عليها الآيات .. وبهذه المناسبة نشير الى خلاف معروف بين علماء الأخلاق منذ القديم ، وهو ، هل الإنسان شرير بالطبع ، أو خيّر بالطبع؟. وحاول كثير من المفسرين أن يستدلوا بهذه القصة على انه شرير بالطبع.
والصحيح ان في كل انسان استعدادا للخير والشر بفطرته ، حتى خير الأخيار ، وشر الأشرار ، والفرق ان في بعض الأفراد مناعة من عقل رصين ، أو دين متين يكبح نزواتهم الى الشر ، ويندفع البعض الآخر مع شهواته لضعف في دينه ، أو عقله.
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢))
اللغة :
من أجل ذلك ، أي بسبب ذلك. والإسراف التجاوز عن حد الاعتدال.