(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤))
إذا في قوله تعالى : (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) ليست للشرط ، وانما هي لبيان موضوع دعوة الله والرسول ، وتقريرها وحصرها بالدعوة إلى الحياة بأكمل معانيها.
ومن أحاط بالإسلام علما يجد ان كل أصل من عقيدته ، وكل فرع من شريعته يرتكز على الدعوة صراحة أو ضمنا الى العمل من أجل الحياة .. فالإيمان بالله يستدعي الإيمان بالتحرر من العبودية إلا لله وحده ، وبأنه لا سلطان للمال ولا للجاه ولا للجنس ولا لشيء إلا للحق والعدل ، وبديهة ان الحياة الطيبة القوية لا توجد ، ومحال ان توجد إلا مع الالتزام بهذا المبدأ وتطبيقه. أما الإيمان برسالة محمد (ص) فهو عين الإيمان بشريعة الإخاء والمساواة ، وبحرية الإنسان وحمايته ، وبكل مبدأ يعود على الانسانية بالخير الصلاح .. ذلك بأن رسالة محمد تهدف الى هدي البشر وإسعاده ، وبث العدل بين أفراده ، أما الإيمان باليوم الآخر فهو الإيمان بأن الإنسان لا يترك سدى ، وانه مسؤول عن كل صغيرة وكبيرة من أعماله يحاسب عليها ويكافأ ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر .. وهذا الإيمان ـ كما ترى ـ أشبه بالقوة التنفيذية ، أو بالحافز على العمل بما يوجبه الإيمان بالله والرسول.
هذا فيما يعود الى أصول العقيدة ، أما الفروع ، وأعني بها ما يجوز من الأفعال ، وما لا يجوز في الشريعة الاسلامية فإنها تقوم على مبدأ انساني أشار اليه الإمام جعفر الصادق (ع) بقوله : كل ما فيه صلاح للناس بجهة من الجهات فهو جائز ، وكل ما فيه فساد بجهة من الجهات فهو غير جائز .. هذه هي دعوة الله والرسول التي نص عليها القرآن بصراحة ووضوح : (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ