اللغة :
وتذهب ريحكم أي قوتكم وهيبتكم. والبطر الطغيان في النعمة وصرفها إلى غير وجهها. والرئاء الرياء. وجار لكم ناصر لكم. وتراءت الفئتان التقتا ورأت كل منهما الأخرى. ونكص رجع القهقرى. وفتفشلوا منصوب بأن مضمرة على معنى جواب النهي. وبطرا مفعول لأجله ، ويجوز أن يكون في موضع الحال.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). والمراد بالفئة الفئة الباغية التي تسعى في الأرض فسادا ، وقوله لعلكم تفلحون أي تظفرون بها وتنتصرون عليها. وذكر سبحانه في هذه الآية عاملين للنصر على الفئة الطاغية الباغية ، العامل الأول الثبات ، واليه أشار بقوله : (فَاثْبُتُوا). العامل الثاني الإخلاص ، وأشار اليه بقوله (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) فليس المراد بذكر الله في الحرب مجرد التهليل والتكبير ، وإنما المراد أن يكون القتال والصمود فيه خالصين لوجه الله تعالى ، بمعنى أن لا تثار الحرب بحال إلا من أجل إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، من أجل الحفاظ على سلامة العباد وأمنهم ، والضرب على أيدي الآثمين الذين يسعون في الأرض فسادا بالسلب والنهب ، ويثيرون الفتن والحروب ليتحكموا بالبلاد وأرزاق العباد.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). ذكر سبحانه في الآية السابقة عاملين للنصر : الثبات والإخلاص وذكر في هذه الآية ثلاثة عوامل : التقوى بطاعة الله والرسول ، وتجنب الاختلاف والصبر ، ولكن الصبر هو الثبات فقوله تعالى ، (وَاصْبِرُوا) في هذه الآية تعبير ثان عن قوله : (فَاثْبُتُوا) في الآية السابقة ، كما ان طاعة الله ورسوله هي الإخلاص لله ، أما الاختلاف فمنه حسن وقبيح ، والتفصيل فيما يلي ، والذي نستخلصه من الآيتين معا ان عوامل النصر الحقيقية ثلاثة :