إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ). هذه الآية تقول بصراحة : ان هناك شيئا اسمه الشيطان شجع قريشا على حرب النبي في بدر ، وضمن لهم النصر ، وانه لما أيقن بسوء مصيرهم خذلهم وتبرأ منهم .. وقدمنا أكثر من مرة أننا نؤمن بكل ما دل عليه الوحي ، ولا يأباه العقل ، وأننا ندع التفاصيل للغيب ، ولا شيء في حكم العقل يمنع من وجود شيء يرى أو لا يرى يوسوس للناس بالباطل ويغريهم به .. وقد أمر الله سبحانه نبيه الكريم أن يتعوذ من شر الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس جنّا كان أو أنسا.
(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). المنافقون هم الذين يظهرون الإسلام ، ويبطنون الكفر ، أما قوله والذين في قلوبهم مرض فيشمل المنافقين والكافرين والفاسقين ، وعليه يكون عطف مرضى القلوب على المنافقين من باب عطف العام على الخاص. وقد حكى الله في هذه الآية عن مرضى القلوب انهم دهشوا حين رأوا إقدام القلة المسلمة على حرب الكثرة الكافرة ، ولم يفهموا تفسيرا لهذا الإقدام الا تهور المسلمين وغرورهم بعقيدتهم ، أما الثقة بالله ، والتوكل عليه ، وفوز الشهيد بالجنة فكلام بلا معنى في مفهومهم ، لأن كل شيء عندهم صفقة تجارية ، حتى الدين.
في هذا الظرف الذي تتألب فيه قوى الشر ، وتتآمر على العرب والمسلمين ، ويطرد فيه الشعب الفلسطيني من دياره ، ويلقى به في العراء نساء وشيوخا وأطفالا ، في هذا الوقت الذي يقض فيه الفدائيون مضجع إسرائيل ، ويقلقون راحتها ، ويعبّرون عن إرادة كل حر ، ورغبة كل مخلص في تحرير الأرض المحتلة ، في هذا الأوان بالذات يقف معمّم على حدود إسرائيل ، وفي قرية من قرى الجنوب ، يقف هذا المعمم ، وينادي في الجموع من مكبر الصوت : الفدائيون مخربون .. تماما كما يقول دايان وأشكول وايبان.
الفدائيون مخربون يا محترم ، وأنت وإسرائيل مصلحون؟ ولما ذا الفدائيون