(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ). تحاكم اليهود في أمر الزاني عند النبي (ص) ، ولما حكم بينهم تولوا عنه ورفضوا حكمه بعد أن اختاروه حكما .. وما كان أغناهم عن الحالين؟. فالأولى بهم أن لا يحكمّوه منذ البداية ، أما أن يرضوا به حكما ، ثم يرفضوا حكمه فغريب .. هذا مع أنهم يعلمون علم اليقين بأنه (ص) حكم بحكم الله الموجود في التوراة .. فقوله تعالى : (بَعْدِ ذلِكَ) إشارة إلى التحكيم ، وإلى حكم النبي بحكم الله. ولفظ ذلك يشار به الى المفرد والمثنى والجمع.
(وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ). أي لا غرابة في أن يتولوا عن حكم النبي بعد أن رضوا به حكما ، وبعد ان حكم بحكم الله ، لأنهم لا يؤمنون بالله ولا بالتوراة إيمانا صادقا ، وإنما يؤمنون بأهوائهم ورغباتهم .. وكل من لا يرضى بالحق وحكمه فما هو من الايمان الحق في شيء يهوديا كان أو مسلما. قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ـ ٦٤ النساء».
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤))
اللغة :
ربانيون جمع رباني نسبة إلى الرب ، أي يرضي الرب بأقواله وأفعاله. والأحبار جمع حبر بفتح الحاء ، وهو العالم.