(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً). من عرف حكم الله لا يخالفه إلا لأحد أمرين : إما خوفا على منصبه من الزوال ، وإما طمعا في المال ، وقد أشار سبحانه إلى الأول بقوله : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ). وإلى الثاني بقوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً). والمعنى يا أحبار اليهود اعملوا بما تعلمون إنه الحق ، ولا تخشوا فيه لومة لائم ، ولا تحرّفوه طمعا في الرشوة .. وإذا كان هذا الخطاب موجها بظاهره للأحبار الذين حرفوا حكم الزاني من الرجم إلى الجلد فإنه في واقعه عام لكل من يحاول التحريف والتزييف خوفا أو طمعا.
وأبلغ قول يفسر هذه الآية كلمة قالها علي أمير المؤمنين (ع) في وصف أولياء الله : «بهم قام الكتاب ، وبه قاموا ، لا يرون مرجوا فوق ما يرجون ، ولا مخوفا فوق ما يخافون» أي لا يرجون إلا الله ، ولا يخافون إلا منه.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ). وقال تعالى في الآية التالية ٤٥ : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). وفي الآية ٤٧ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ). وعند تفسير هذه الآية ، أي ٤٧ نبين الوجه في تعدد الوصف بالكفر والظلم والفسق ، لموصوف واحد.
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً