(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ). المراد بالفتح انتصار المسلمين على اليهود والمشركين ، والمراد بأمر من عنده اظهار حال المنافقين ، وإذلالهم وخزيهم ، والمعنى ان المنافقين أحكموا الخطة لأنفسهم عند أعداء الإسلام ظنا منهم ان الدائرة ستدور مع الكفار على المسلمين ، ولما انعكس الأمر ، ودارت الدائرة مع المسلمين على أعدائهم ندم المنافقون ، ولكن حيث لا ينفع الندم.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ). لما أظهر الله المسلمين على أعدائهم لم يستطع المنافقون أن يخفوا ما في أنفسهم من الحسرة واللوعة ، وظهر أثرها في فلتات ألسنتهم ، وصفحات وجوههم .. فتعجب المؤمنون من حال المنافقين حين تكشفت حقيقتهم ، وقال بعضهم لبعض : أهؤلاء الذين كانوا يحلفون بالأمس أغلظ الإيمان مجتهدين في توكيدها انهم منا ومعنا؟. ما أجرأهم على الكذب والرياء. (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ). قال الرازي وصاحب المنار : يحتمل أن تكون هذه الجملة من كلام الله ، ويحتمل أن تكون من كلام المؤمنين.
ويلاحظ بأن احتمال كونها من كلام الله غير وارد على الإطلاق ، لأن سياق الآية يدل على أنها من كلام المؤمنين ، وليست إخبارا مستأنفا من الله سبحانه ، والمعنى ان المؤمنين بعد أن تعجبوا من حال المنافقين وألاعيبهم قالوا : لقد بطلت أعمال المنافقين التي كانوا يتظاهرون بها أمامنا كالصوم والصلاة ، وما اليهما ، ولم ينلهم من الثواب شيء (فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ). خسروا الدنيا ، لأنهم خذلوا وخسروا الآخرة لما أعد لهم من العذاب الأليم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي