فهي المحك الصحيح لايمان المؤمن .. ينكر المنكر إرضاء لربه وضميره ، أما ما يصيبه من وراء ذلك فيهون ويزدري.
هذا هو شعار المخلصين : لا يخافون في الحق لومة لائم. أو كما قال نبي الرحمة : «إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي». ولا مصدر لهذه المشاكل التي يعانيها عالم اليوم من حرب فيتنام إلى حرب الشرق الأوسط ، ومن الحكومة العنصرية في روديسيا وجنوب افريقيا إلى مشكلة الملونين في الولايات المتحدة ، لا مصدر لهذه المآسي وما اليها إلا سكوت من سكت عن الحق في الصحف والاذاعات والأمم المتحدة ومجلس الأمن خوفا من ملوك الذهب الأسود وحماتهم المأجورين.
وبالتالي ، فإن قوله تعالى : (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) يرسم صورة حية للمتدين ، وللأهداف التي يجب أن ينطلق اليها ، ويضحي من أجلها .. بقي هذا السؤال البسيط : هل يسوغ بعد هذا للقائل أن يقول : إن الدين مغيبات ، وصلاة أموات!.
(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ). وقد رأينا بالحس والوجدان ان الله سبحانه لا يشاء أن يمنح فضله إلا لمن سار وفق الأسباب والسنن التي أقام بها جلت حكمته نظام الكون بأسره .. ولو أراد منا أن نمشي بلا رجلين ، ونعمل بلا يدين ، ونبصر بلا عينين لكان في غنى عن خلق شيء منها : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ـ ٢ الفرقان».
قال (نيتشه) فيلسوف الإنسان الأعلى : لا واقع لقيم الأخلاق ، فالحرية والعدالة والمساواة مجرد ألفاظ صنعها الضعفاء ليحدّوا بها من سيطرة الأقوياء.
وقال ماركس فيلسوف الثورة ضد الإنسان الأعلى : العكس هو الصحيح ، فالزهد والصبر والوداعة ألفاظ صنعها الأقوياء ليسيطروا بها على الضعفاء.
ومعنى هذا عند الاثنين ان ألفاظ القيم لا مصدر لها إلا الهوى والمصلحة