الفصل الثامن
الطريق الذي سلكناه بالسفينة. التوجه نهرا إلى الرقة.
مجيء نجل أمير العرب إلى سفينتنا مطالبا بالإتاوة
بعد أن أوسقنا سفينتنا والسفن الأخرى التي كانت معها ، وبعد أن غدت كل اللوازم الضرورية لذلك ، صعدنا إلى السفينة فبدأت رحلتها باسم الله في مساء اليوم الثلاثين من آب سنة ١٥٧٤ م (بعد أن مكثنا هناك سبعة عشر يوما) ونحن نعتزم أن نقطع في تلك الليلة الثلاثين فرسخا غير أن اثنتين من السفن انسابتا في واحد من فروع النهر العديدة منذ البداية ، وإذ ذاك عانى ملاحونا أتعابا شاقة في دفعهما إلى الاتجاه الصحيح وهكذا بقينا ننتظرهم وقد أتعبنا الانتظار كثيرا ، وعندئذ أمضينا الليلة في سوق مدينة تدعى (كسرة) (١) تقع على قمة ربوة وعلى بعد فرسخ من المكان الذي حللنا فيه.
وحين طلع النهار في صباح اليوم التالي صعدنا إلى السفينة فاستأنفنا السفر وكنا في البداية محظوظين ، إذ أخذت جبال طوروس (٢) التي كانت تقع على يسارنا وتمتد إلى ناحية الشرق ، تختفي عنا تدريجا ، ومن ثم
__________________
(١) كسرةCassra والذين نراه أن المقصود بها مدينة «قاصرين» التي بناها الرومان عند الفرات وقد احتلها المسلمون بقيادة أبي عبيدة ورد ذكرها في معجم البلدان لياقوت الحموي وغيره من البلدانيين العرب.
(٢) طوروس Taurus هي سلسلة الجبال التي تمتد من تركيا إلى سوريا ولبنان.