الفصل الحادي عشر
مدينة «عنة» (١)
بعد أن دفعنا الرسم الكمركي إلى «الملتزم» الذي كان على قدر كبير من الأدب بالقياس إلى الموظف الذي شاهدناه في الرقة ، وتزودنا بالحاجيات ، وضعنا نصف الحمولة في سفينتنا كيما نسحبها من الفرع إلى النهر ثانية. وإذ ذاك نقلنا بقية الحمولة إليها في زوارق صغيرة ، وهكذا أقلعنا من هناك في مساء اليوم الرابع من تشرين الأول فأمضينا الليل كله غير بعيدين عن مدينة الدير.
وفي صباح اليوم التالي استأنفنا رحلتنا فسارت بنا السفينة سيرا حسنا حتى الظهر حين وصلنا إلى مكان ضحل وواسع في النهر لم يعرف رباننا كيف يخرج السفينة منه. وإذ كان مضطربا دائب التفكير ظهر على الشاطىء بعض الأعراب فأشاروا لنا إلى المجرى الذي يجب أن نسير فيه لكننا لم نثق بهم لأننا سمعنا قبلا بأنهم قد أغرقوا بعض الأحجار الكبيرة
__________________
* عنه عرفت باسم عانة وعانات Anat Ana وهانا وهانات Hanat Hana وسماها الآشوريون سوخي استقلت عن كل من بابل وآشور وأن أحد ملوك خاني غزا بابل وجلب منها بعض تماثيل الآلهة إلى عنة. ذكرت عنه في المصادر الآشورية والبابلية بنى فيها «معين» ملك المناذرة ديرا شهيرا حاصرها الامبراطور تراجان سنة ١١٥ م ولم يستطع فتحها فتخلى عنها. كانت مركز إقليم الفرات الأوسط عرف باسم (خاني).