الفصل السادس
المعاملات التجارية في مدينة حلب. جملة أنواع من المأكولات
والمشروبات والولائم
بعد أن تناولت وصف الأبنية والأوضاع الجارية في مدينة حلب العظيمة الفخمة ، وكذلك عوائد الأتراك وأخلاقهم ودوائرهم ، على قدر ما استطعت أن ألمّ به ، لم يعد أمامي ـ قبل أن أغادرها ـ إلا التحدث عن المعاملات التجارية التي تجري كل يوم فيها ، وهي معاملات واسعة النطاق بشكل يدعو إلى الإعجاب ذلك لأن قوافل عديدة من البغال والحمير ، بل وأكثرها من الإبل ، تتدفق كل يوم على المدينة من كل الأقطار الأجنبية ، من الأناضول وأرمينيا ومصر والهند وغيرها ، وهي مثقلة بالأحمال. ولذلك ترى الشوارع مزدحمة بحيث يصعب مرور القافلة منها تلو الأخرى.
ولكل من هذه الأقطار أو الأمم خان خاص بها وهو يحمل عادة اسم الشخص الذي بناه من أمثال «خان العجمي» و «خان وزوادا» و «خان الأبرق وسبيل» و «خان محمد باشا» وغيرها من الخانات التي يستعملونها بمثابة فنادق ، ينزلونها ويعيشون فيها ويعرضون فيها سلعهم للبيع حسبما يشاؤون. ولذلك نجد بين بقية أفراد هذه الأمم جماعة من الفرنسيين والإيطاليين وغيرهم ممن لهم أبنيتهم الخاصة بهم والتي مرت الإشارة عنها قبلا مما يسمونه بالفنادق. ويعيش البعض من هؤلاء سوية في هذه الفنادق بينما يسكن غيرهم ، ولا سيما الإيطاليون المتزوجون ، في بيوت