__________________
«بسم اله ابراهيم وإسحاق ويعقوب ، أما بعد فاني أدعوكم الى عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم الى ولاية الله من ولاية العباد ، فان أبيتم فالجزية ، فان أبيتم فقد آذنتكم بحرب. والسلام».
فلما أتى الأسقف الكتاب فقرأه قطع به وذعر ذعرا شديدا ، فبعث الى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة ـ وكان من همدان ـ ولم يكن أحد يدعى إذا نزل له معضلة قبله ، لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب ، فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم اليه فقرأه ، فقال الأسقف : يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله ابراهيم في ذرية اسماعيل من النبوة [فما يؤمن أن يكون هذا هو ذلك الرجل ، ليس لي في النبوة] رأي ، لو كان من أمر الدنيا أشرت عليك فيه برأيى ، وجهدت لك فيه. فقال الأسقف : تنح فاجلس ، فتنحى شرحبيل فجلس ناحية ، فبعث الأسقف الى رجل من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل ، وهو من ذى أصبح من حمير ، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل. فقال له الأسقف : تنح فاجلس ، فجلس ناحية. فبعث الأسقف الى رجل من أهل نجران يقال له جبار بن قيص من بنى الحارث بن كعب ، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله ، فأمره الأسقف فتنحى ، فلما اجتمع الرأى منهم على تلك المقالة جميعا أمر الأسقف بالناقوس فضرب ، ورفعت المسوح في الصوامع ، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار ، وإذا كان فزعهم بالليل ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع ، وفيه ثلاثة وسبعون قرية وعشرون ومائه ألف مقاتل ، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسألهم عن الرأي فيه ، واجتمع رأي