٢ ـ لقد عطف صلّی الله عليه وآله وسلّم « سُنّة الخلفاء » على « سُنّته » وظاهر العطف هو المغايرة بين السُنّتين ، فما معنى هذه المغايرة ؟ ! وكيف يأمر صلّى الله عليه وآله وسلّم اتّباع سُنّتهم المغايرة لسُنّته ؟ !
٣ ـ أمره باتّباع سُنّتهم مطلق غير مقيّد كما هو الحال في وجوب اتّباع سُنّته ، وهكذا أمرٍ يقتضي عصمة المتبوع بلا ريب ، أمّا النبي فمعصوم بالإِجماع ، وأمّا الخلفاء فليس كلّهم بمعصومٍ بالإِجماع ، فكيف يؤمر ـ أمراً مطلقاً ـ باتّباع المعصوم وغير المعصوم معاً ؟ !
هذه مشاكل حار القوم في حلّها . . واضطربوا اضطراباً شديداً تجاهها . . .
قال الشوكاني : « إنّ أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوهٍ أكثرها متعسِّفة » (١١٥) .
المشكلة الْأُولى :
أمّا الْأُولى فلا مانع من حلّها بتفسير « السُنّة » هنا أيضاً بـ « الطريقة » كما ذكر الشرّاح كصاحب « سبل السلام » والقاري والمباركفوري . . .
وهذا هو الذي اختاره الشوكاني حيث قال :
« الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدلّ عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب ، فالسُنّة هي الطريقة ، فكأنّه قال : الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين ، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته ، فإنّهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كلّ شيء وعلى كلّ حال ، كانوا يتوقّون مخالفته في أصغر الْأُمور فضلاً عن أكبرها » (١١٦) .
__________________(١١٥) إرشاد الفحول .
(١١٦) إرشاد الفحول .