الإعراب :
عزيز صفة للرسول. وما عنتم (ما) مصدرية ، والمصدر المنسبك فاعل لعزيز. وحريص ورؤوف ورحيم صفات مثل عزيز ، وبالمؤمنين متعلق برءوف. وحسبي بمعنى كافيني مبتدأ ولفظ الجلالة فاعل ساد مسد الخبر ، ويجوز أن يكون حسبي خبرا مقدما ، والله مبتدأ.
المعنى :
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) هذا الخطاب موجه لكل آدمي يبحث عن الحقيقة ، ويريد الهداية اليها ، والرسول هو محمد بن عبد الله (ص) بعثه الله للبشرية جمعاء ، لينقذها من الجهالة والضلالة ، ويرشدها الى طريق الحق والخير ، وما على من يبتغيهما الا ان ينظر بوعي وتجرد الى سيرة محمد (ص) وسنته والكتاب الذي جاء به من عند الله ، فلقد آمن به مئات الملايين قديما وحديثا ، وفيهم العلماء والفلاسفة الذين تركوا دين الآباء والأجداد واعتنقوا الإسلام بعد ان ارتاحت اليه عقولهم وقلوبهم ، وبعد أن رأوا نبيه الأكرم كما وصفه الله بقوله :
(عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ). عزيز عليه ان يلقى كائن على وجه الأرض مكروها ، حتى ولو كان حيوانا ، حريص على هداية كل الناس وسعادتهم وصلاح شأنهم ، أما رأفته ورحمته فقد عمت الناس أجمعين : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ١٠٧ الأنبياء». ومن أحاديثه : «أنا رجمة مهداة .. الراحمون يرحمهم الله .. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وتسأل : قال سبحانه في هذه الآية : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) وقال في سورة الأنبياء : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) أي المؤمنين وغير المؤمنين ، فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.
الجواب : ان المراد بقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ان دين محمد هو دين الانسانية ، وشريعته رحمة بكل الناس لو اتبعوها وعملوا بها لملأت الأرض خيرا وعدلا ، أما قوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فمعناه انه شديد الرأفة