الله ايمان بالله وبمحمد (ص). وقسم أصر على الشرك عنادا وحرصا على منافعه ، وهؤلاء هم الذين هددهم الله بقوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) وهذا يومئ الى أن كلمة مفسد لا تختص بمن يفتن بين الناس أو يعتدي عليهم ، بل تعم كل من عرف الحق ، ولم يعمل به.
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ). سألني كثير من المؤمنين عن واجبهم الشرعي تجاه أبنائهم الذين جرفتهم تيارات التمدين ، وتهاونوا في الدين وأحكامه .. فأجبتهم بأن على الوالد أن يربي أولاده الصغار على الدين ، وينشئهم على مبادئه الضرورية ، فيلقّنهم أصول العقيدة ، ويمرنهم على العبادة الواجبة كالصلاة والصيام ، ومعرفة الحرام كالكذب والغيبة وتعاطي المسكرات وما اليها الى ان يبلغوا راشدين ، فإن قصّر في هذا الدور كان مسؤولا أمام الله .. وبعد الرشد يقف معهم موقف البشير النذير ، فإن لم يستجيبوا فهو معذور عند الله ، ثم اتلوا هذه الآية ، أو ما في معناها من الآيات والأحاديث ، كقوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) ـ ٢٩ الكهف» ، وقول الرسول الأعظم (ص) : «الولد سيد سبع سنين ، وعبد سبع سنين ، ووزير سبع سنين ، فإن رضيت خلائقه لإحدى وعشرين سنة والا فاضرب على جنبه ، فقد أعذرت الى الله تعالى». أي يترك الولد في السبع الأولى لصغر سنه ، ويؤدب في السبع الثانية كمن لا ارادة له ، ويوجه في السبع الثالثة كمستقل ، وقوله : فاضرب على جنبه كناية عن اليأس منه ، وان الوالد غير مسؤول عن سيئات ولده.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) أي ان من المشركين أو المكذبين من يستمعون الى النبي (ص) بآذانهم فقط ، أما قلوبهم وعقولهم فهي غائبة عنه ، تماما كمن لا سمع له (أفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) كلام الله وكلامك أيها الرسول .. نزّل الله سبحانه من سمع ولم يفهم ، أو فهم ولم يعمل ـ نزّله منزلة من لا سمع له ، لأن الغاية من حاسة السمع الاستفادة منها ، والانتفاع بها ، فإذا لم تتحقق هذه الغاية كان وجود الحاسة وعدمها سواء.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) بأبصارهم ، ولكنهم لا يعرفون قدرك ومقامك