بِالنَّهارِ). مر نظيره في الآية ٧٨ من التوبة ، والآية ٣ من الأنعام ج ٣ ص ١٥٩.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ). ضمير له ويديه وخلفه يعود الى الإنسان ، كما هو الظاهر من سياق الكلام ، ومعقبات كناية عن حواس الإنسان وغرائزه التي لها تأثيرها في صيانته وحفظ كيانه ، و (من) في قوله تعالى : (مِنْ أَمْرِ اللهِ) بمعنى الباء مثلها في قوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) ـ ٤٥ الشورى». أي بطرف خفي ، وفي ذلك رواية عن الإمام أبي جعفر الصادق (ع). وقال المفسرون : المراد بالمعقبات الملائكة ، وفي بعض التفاسير ان الله يرسل عشرة من الملائكة بالنهار يحرسون الإنسان ، وعند الغروب يذهب هؤلاء ، ويأتي عشرة آخرون يحرسون بالليل ، وهكذا يفعل مع كل فرد من أفراد الإنسان في كل يوم من الأيام ، اما إبليس فيقوم بدور الغواية وتضليل الإنسان بالنهار ، وأولاده بالليل.
وبالإضافة إلى ان هذا بعيد عن دلالة اللفظ فإن الافهام والأذواق ترفضه وتأباه والذي نتصوره نحن ان المراد بالمعقبات حواس الإنسان وغرائزه التي بها يحفظ وجوده وكيانه ، كما أشرنا ، وان المعنى ان الله سبحانه خلق الإنسان ، وجعل فيه السمع والبصر والإدراك وغيرها من الصفات والغرائز لتحرسه وتصونه ، وهذا المعنى وان كان بعيدا عن دلالة اللفظ فإنه يتفق مع الواقع ، ولا ينفيه السياق ، فبالادراك يميز الإنسان بين النافع والضار ، وبالبصر يعرف طريق السلامة ، وبحب الذات يتحفظ من المهلكات.
(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ). قال المفسرون : ان هذه الآية تدل على ان القوم الذين يعيشون بنعمة المال والأمن الجاه فإن الله لا يغيرها عنهم ما داموا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، فان عصوا زالت عنهم هذه النعمة.
أما نحن فنفسر الآية في ضوء تعاليم الإسلام ، وواقع الحياة ، وما يتحمله لفظ